"بروح نوروز ندحر الاحتلال، ونطور الإدارة الذاتية، ونبني سوريا الديمقراطية"

أصدر حزب الاتحاد الديمقراطي، اليوم الجمعة (20 آذار) بياناً للرأي العام هنأ فيه قدوم عيد النوروز، العيد القومي للشعب الكردي، موضحاً فيه عدم الاحتفال في تجمّعات كبيرة بسبب الأوضاع الصحية التي يمرّ بها العالم جرّاء انتشار فيروس كورونا.

وجاء في نصّ البيان:
"يحتفل أبناء شعبنا هذه الأيام بعيد النوروز القومي الكردي، والذي يُعبر في الوجدان التاريخي للشعب الكردي عن الأمل والحياة والمقاومة، ويرمز إلى الثبات على الحرية والحق. هذا العيد العريق الشامخ، الذي بدأ بقضاء كاوى الحداد الثائر الكادح، على الظلم والطغيان ورفع شعلة الحرية عالية إيذاناً للشعب الكردي وكل شعوب ميزوبوتاميا ببداية عهد جديد من الحرية والانعتاق، وزوال ليل الظلم والطغيان، لهو مناسبة لنا جميعاً، كمكونات الادارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا، لبذل المزيد من النضال والمقاومة والجهد المستمر من أجل المحافظة على مؤسسات الادارة الذاتية؛ التي جاءت ثمرة دماء الآلاف من الشهداء من كل المكونات، وحمايتها وصيانتها من كل المخاطر الخارجية ومن النواقص الداخلية.
إننا نستلهم معاني ودروس نوروز الخالدة ففي ذلك العصر استطاع أجدادنا الميديين متعاونين مع أقوام وشعوب ميزوبوتاميا من تشكيل تحالف كبير ومتنوع كان عماد الامبراطورية الميدية حيث الشراكة والتعاون والعمل معاً، فالميديين الكرد كانوا دعاة الوحدة بين الشعوب وحاملي لوائها فاختاروا الجماعة مقابل الفرد وأرادوها للكل وليس للجزء، في فهم عميق ومتقدم لفكرة الديمقراطية والمشاركة الصحيحة؛ والآن وبعد آلاف السنين يتكرر النموذج في مبدأ الأمة الديمقراطية في شمال وشرق سوريا، حيث التعاون والتعاضد والأخوة والتنوع والتضحية بالدم في الخندق الواحد.
يأتي عيد النوروز هذا العام ونحن في مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا نخوض معركة وجود، تستوجب منا الوقوف معاً ضد كل الاخطار والتحديات متشبثين بقيم المقاومة والعيش المشترك ومستندين إلى نهج أخوة الشعوب لكي نعبر بشعبنا إلى بر الأمان في خضم كل هذه التهديدات والمخاطر التي تحيط بنا.
إنها مناسبة لتجديد العهد للشهداء والمقاومين بمواصلة دربهم والثبات عليه من أجل بناء نموذج ديمقراطي تعايشي يجد فيه كل إنسان نفسه بهويته وفكره، حيث الكل يعمل لمصلحة الكل والكل يدافع عن الكل، ضمن نهج الاخوة الحقيقة، والتعايش المعترف بوجود وخصوصية الآخر، وفق مبادئ الأمة الديمقراطية التي تضمن للجميع المساواة والكرامة والحرية. 
نموذجٌ للمرأة دورها الريادي في الدفاع والبناء والتنظيم والرعاية. فالمرأة في ميزوبوتاميا كانت رمزا للخصب والنماء والعطاء وهي الآن أيضاً، تتبوأ ذلك الدور القديم الاصيل، لكن على أساس علمي تنظيمي منهجي وفق مبدأ الامة الديمقراطية والمجتمع المتساوي المتعاون المتعاضد. 
منذ أقدم العصور والشعب الكردي يقاوم الظلم والطغيان متمسكاً بالحياة والحرية حيث يعتبر عيد النوروز أهم مناسبة يٌعبر فيها الكرد عن إرادتهم الحرة ورفضهم للظلم والتسلط والخنوع، واختيارهم للحياة والحرية والكرامة؛ ولو كلف ذلك كل غال نفيس فمعاني النوروز كردياً وكردستانياً، كانت حاضرة دائمة في ذاكرة الأمة الكردية متمثلة في رفض الظلم والقهر والتمسك بالحرية والعدالة وبذل التضحيات الجسام ثمناً للتحرر والعيش الكريم.

تاريخ شعوب ميزوبوتاميا يسرد ملاحم المقاومة والكفاح ضد المستبدين والمحتلين؛ فنوروز تعني مقاومة السجون الاسطورية، وبعث الحياة في الجسد الذي نخره اليأس والظلم والتخلف، وبناء الفكر وتطويره والدفاع عنه بالقلم والبندقية، ليتحول إلى مؤسسات ونهج حياة للجميع، يعيش ضمن إطاره الكل متساوياً متعاوناً، حراً عزيزاً.
إن نوروز ٢٠٢٠ يمر ومنطقتنا ومشروعنا التعايشي الأخوي يواجه تحديات كبيرة، لا نملك أمامها الا بذل المزيد من المقاومة والنضال ورص الصفوف، وتطوير النظام الديمقراطي المؤسساتي وإصلاحه، ومراجعة العمل والتصدي للنواقص، مستلهمين من تضحيات شهدائنا في انتصارات كوباني، ومقاومات عفرين، و سري كانيية/ رأس العين، وكري سبي/ تل أبيض، والنصر التاريخي في الباغوز على تنظيم "داعش" وانقاذ البشرية والإنسانية من إجرامه. 
نهج المقاومة وروحها ساهما في إفشال كل المخططات المعادية لشعبنا ولمشروعه الديمقراطي في سوريا؛ حيث تدل حدة الهجمات التي لا تزال مستمرة على مناطقنا على إن هذا المشروع يمثل خطراً كبيراً على قوى التوسع والفوضى والاحتلال، من التي تراهن على تقاتل الشعوب والطوائف والاعراق بعضها لبعض. تلك القوى التي تعادي كل شيء يمثل التعددية والتنوع والديمقراطية وأخوة الشعوب. 
للضرورة الصحية ولمصلحة شعبنا بالرغم من إننا لن نتمكن من الاحتفال كما اعتدنا عليه سابقا بشكل جماهيري حاشد هذا العام في نوروز ٢٠٢٠ لكن عيد النوروز كرمز وكعنوان للمقاومة لابد أن يبقى في تاريخ شعبنا وتكون دائماً الانطلاقة الأقوى نحو رفع وتيرة مقاومتنا وتعزيز وحدتنا الوطنية والكردستانية وفق ما يخدم قضية شعبنا؛ بمناسبة أعياد النوروز وتحت شعار"  بروح نوروز ندحر الاحتلال، ونطور الإدارة الذاتية، ونبني سوريا الديمقراطية" نتوجه نحن في المجلس العام لحزب الاتحاد الديمقراطي(PYD) إلى أبناء شعبنا في الداخل والخارج بالتهنئة، ونستذكر شهدائنا الأبطال الذين ضحوا بحياتهم في سبيل حرية ووحدة وتعايش الشعوب. كذلك نحيي أبطال قوات تحرير عفرين، وشعبنا المقاوم الصامد في مخيمات الشهباء وواشوكاني وتل السمن. نستقبل نوروز هذا العام ونحن نفتقد مساحات جغرافية احتلتها تركيا ومرتزقتها بغية النيل من إرادة شعبنا، لكن لم ولن نخسر روح المقاومة، بل زدنا اصرارا في تصعيد النضال، والتمسك بأخوة الشعوب ونهج الامة الديمقراطية، وتصعيد المقاومة، متمسكين بروح الكفاح التي تصدت للفاشية التركية وحليفتها داعش، وسنبقى كذلك حتى تحقيق النصر عبر اخراج المحتل وأذنابه، وإعادة الحق لأصحابه.
وهنا نناشد عموم أبناء شعبنا برفع وتيرة المقاومة والنضال لنعمل معاً بروح المقاومة التاريخية التي ألهمت العالم. كذلك ندعو الحكومة السورية وكل من يتجاهل دور وحقيقة شعبنا وتاريخه ونضاله الديمقراطي وتضحياته الكبيرة، التعامل بمنطق سليم والتجرد من النزعة الشمولية القاصرة التي تنظر إلى الواقع وكأنه لم يتغير في سوريا. ندعوه للحوار وترك الاقصاء، للخروج من الأزمة، وتخليص سوريا من الاحتلال التركي وحلفائه المرتزقة الداعشيين والخراب لا العمل على تفاهمات واتفاقيات ضد سوريا وشعبها مع أي طرفٍ كان. إن شعبنا موجود بهويته وثقافته ودوره، ولن يستطيع أي طرف أن يلغي وجود وإرادة شعب يقاوم ويبني ويشارك في تحديد المعالم الصحيحة لسوريا الديمقراطية، ويطرح مشاريع تعزز وحدتها واتفاق شعبها. 
نؤكد في الختام بأننا ملتزمون بالدفاع عن حقوق شعبنا، وسنعمل بكل ما نملك من جهود في سبيل الوصول إلى سوريا جديدة، سوريا ديمقراطية، موحدة، حرة، يتشارك فيها كل السوريين دون إقصاء. كما نؤكد بأنه لا استقرار في سوريا بدون خروج الاحتلال التركي ومرتزقته من المناطق التي يحتلونها وفي المقدمة عفرين، ولا حل في سوريا يخدم مستقبل شعبها إلا من خلال حل القضية الكردية في سوريا.

تحية إجلال لروح شهداؤنا الأبطال. 
تحية لأبطالنا الجرحى. 
تحية لشعبنا المقاوم. 
كل عام والجميع بألف خير.

المجلس العام لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD".